Friday, July 6, 2012

يومياتها : ها تبقي الماضي بس عمرك ما ها تبقي الحاضر



صحيت ، فضلت في سريرها كتير ، بتقاوم بداية اليوم، كانت متخيلة ان وجودها في السرير ها يمنع الاحداث انها تبدأ و يرحمها من اخبار مش عاوزة تسمعها ، لو بايدها توقف الزمن ، توقفه عشان تترحم من يوم جديد، بتفاصيل كتير ، بقت حمل علي كتفها و كتفها بقي اضعف انه يتحمل قشة زيادة.

بصت في المراية ، لقت عينيها المنفخة و وشها الشاحب و بشرتها المجهدة خير دليل انها مش مرتاحة ، للاسف الجسد بيفضحنا مهما خبينا معالمه ، اجتهدت انها تتفادي سؤال : مالك انت بخير،  استخدمت كل الكريمات و مستحضرات التجميل لاخفاء الحزن تحت طبقاتها الثقيلة. و غير المكياج الفعلي اللي حطيته  لبست وش خشب متزن و هادئ مخبية تحته انين و مر.يا دوب شربت الشاي بلبن و نزلت و دابت في امواج البشر.
وصلت الشغل و اتحولت لالة، تحاشت كل جلسات النميمة لانها زي ما بتعرف معلومات الناس ، لازم تقعد علي كرسي الاعتراف الاجباري و تستدرج للحكي بدعوي ان دة احسن لك يا حبيبتي ، طلعي اللي في قلبك ، دي الكتمة وحشة و دة كاس و داير. هي كانت مقررة انها مش ها تبقي حكاية من ضمن الحكايات و انها مش ها تبقي قصة موسيقيتها التصويرية مصمصة الشفايف و التعجب علي حال الزمن. قررت ان المها بتاعها هي و بس و ان غضبها اقوي من المها ، خافت تفتح البيبان للالم يهرب منها الغضب و توري نفسها و الناس وش قبيح و اول اللي ها يشوفوا الوش دة هو اللي اذاها.

علاقته بها كانت رتيبة جدا زي كل العلاقات ،  ماشية علي نفس النسق، ايام بمبي في وردي في الاول و غزل و بين كل رسالة و رسالة علي الموبيل ، رسالة في غنوة حب و سهد علي الفيس بوك. كان استهلاكي في حبه اوي، مش بس انه علني و لازم كل تفاصيلهم او اغلبها تبقي علي عينك يا تاجر، و كل تعليق المئات اللي قوام الاصدقاء يشوفوه . كمان كان استهلاكي انه هو فعلا بيستهلكها، يومها يتبني علي خطته و اولوياتها تتحدد برغباته. و هي كانت سعيدة انه موجود و كانت شايفة انه مش بس حبيبها هو ابنها المقريف و غضبان و حضنها ممكن يهديه. و رغم انها عاشت عمرها عشان تثبت انها ند في كل العلاقات ،  بس بسبب سحر الحب ،عند بيبانه سلمت كل المفاتيح 
و اللي كان لطافة و  دلع منها له عن طيب خاطر ، بقي هو العادي في العلاقة و حق مكتسب لا يتفاوض عليه و ادني حقوقها لو اتناقشت فيها يبقي هي عاملة زي امه بتلوي بوزها و بتعشق النكد و انها الست المصرية بتفاصيلها الكريهة. 

عشان تتحاشي النقد ، اهتمت و ركزت و تفانيت و قررت تنكر ذاتها ، لان سعادته كفاية عليها و لكن يوم ورا يوم حست ان فيضان الحب اللي جواها  بيقل، قالت عادي البركان حممه بتهدي ، بس اكتشفت انها كانت بجري ورا شهاب لما لمس الغلاف الجوي اطفي

"ماتت في محراب عينيك ابتهالاتي .... و استلمت لرياح اليأس راياتي"
ياما اتبتلت له انه يهتم بها نص ما هي بتهتم و يشاركها لحظاتها الحلوة و يحسسها انها في اله حتي و هما مش مع بعض، كانت لما تطلب تروح مطعم  راقي في عيد ميلادها اللي بيزورها من السنة للسنة يقول دة غالي لا دة تأكيد للهوس الاستهلاكي و ينظر و يتفلسف و يحسسها ان سعادتها ها تخل بتوازن الكون و ها تقتل الفضيلة في مقتل. و ان كل مناسبة اجتماعية مش مهمة و انه مش رفيق متأجر و ها يجامل الناس اللي يعرفهم بس ، في حين انها كانت بتتشيك و تنبسط اوي حتي لو واخدها حفلة لفرقة بتكرهها كفاية انها شايفة ضحكته مزينة وشه اللي بتعشق كل تقطيعة فيه.
كانت بتبقي حزينة لما كل يوم تتدلل و تقول مش ها اتصل الا لما هو يكلمني و تفضل تبص للتليفون ببسمة هادئة و الساعة تجر ساعة و البسمة تقلب امتعاض و كمان شوية تضطر و هي غضبانة انها تتصل ، بس كمان مش عندها رفاهية اظهار الغضب عشان ما يقولش انت نكدية و بتحبي المشاكل ، تصتنع ضحكة و تصفي صوتها من شوائب الالم و الاهمال و تسأله باهتمام عن يومه و هو ردوده المقتضبة زي لمضات حمراء بتقولها دي منطقة محظورة، فتلمم نفسها و تقفل السكة و هي بتقول ، هي استني تليفونك لما تفضي يا عمري.
خناقة بعد خناقة و خصام بعد خصام و اكتشفت ان الود دبل في قلبها و ان عينيه بقت ازاز مصمت بارد مفيهوش احساس و لا دفء، لقيت نفسها ماسكة ايد رجل ما لوش اي علاقة بحبيبها اللي حلمت تبني حياتها معاه، هو نفس الاسم ، نفس الجسم ، بس نفس الشخص ... لا مش هو الحبيب ، هو مسخ منه ، هو الحبيب في حالة الاميبا ، خلية احادية ، مش كائن يمشي معاها المشوار . بقي بدل ما هو اللي يحميها من غدر الزمان هو اللي يغدر.
عقلها قرر انها تنفد بجلدها و قالت كتير 
" صعبان عليا جفاك ...بعد اللي شفته في قربك"
 قالت ان الدنيا قسيت عليه و ان الرجالة غيرنا ، مش عندهم حيل دفاعية و بيتحوال احباطهم لقسوة و غضب ، بس ما استحملتش كرابيج القسوة و الاحباط ... كانت كل يوم جروحها بتتحول من جروح في الروح لجروح في العقل و الجسد ، بقت بتخس بشدة ، رغم انها بتأكل بشراهة و بتأكل comfort food اغذية الراحة اللي تملي الجسم دهون ، يمكن الدهون تنسي الالم. لعبت بكل كروتها ، لبست احلي فساتينها ، بقي يبص لها و يقول لها بس ضيق من عند الصدر ، الحلق مبهرج اوي ، شعرك كدة غريب اوي ، ما تحطيش الروج تاني .
فقررت انها تقول له و تقول لنفسها " انسي اللي فات بنعيمه و ساب لي طيفه في خيالي" قطعته زي ورقة النتيجة و اتألمت في صمت و حضرت اغاني في ال mpc 3 كلها  قوة و قدرة و عدم اهتمام ، الكلام اللي عجوت تقوله خليت ماجدة الرومي تقوله
" النهاية انت اللي اخترته و احلامك انت اللي هجرتها " 
اكنها كانت بتقول لنفسها مش انا السبب انا حاربت لاخر سهم في جعبتي ، بس الله غالب .
اتعوت انا تصحي من غير ما بعت له مسج تقول له
 " صباحك سكر" 
و تنام من غير مكالمة الليل الحنونة ، اتعوت تبعد عن اماكن لقاهم و بقت المدينة بالنسبة لها اضرحة لحبها القتيل ، و اكتشفت انها كل يوم بتكسر حلقة من السلسلة اللي قيدتها به . حاربت طيفه و بقت بتضبط نفسها و هو بتبص علي صوره و كانت قرارات بضغطات علي الكبيورد بالم شهور من التفكير ، مع كل صورة له بتحذفها حسيت انها بتمسح خطوط من رسمته الليفي عقلها و قلبها و قالت البعيد عن العين ها يبعد عن القلب في يوم من الايام.
القلب ذلك المتمرد اللي ارهقها و استعذب المه و ذله ، اتعلم يقسي من كتر القساوة اللي اتصدرت له، اتعلمت انها تسلم عليه ببرود و اتعلمت تبعد عن دوايره الاجتماعية و اتعلمت انها تتكلم عليه باسمه مش بدلعه اللي كانت بتناديه به .
هي دي التفاصيل اللي كانت بتجري منها بالمشوار ، و كل يوم بتحس ان دنيتها بقت مصحة ادمان و انه هو سم زعاف سكن كل خلاياها، و كان الحل انها تهرب من الوجود ، انها تشتغل لغاية ما تقع من الارهاق و لما تقع من الارهاق ، سريرها يبقي مقبرتها ، تدفن وشها في الاغطية و تتأكد ان طيفه بعد و انها امنة و بعيدة عن عيونه اللي ملاحقاها .
امتي ها تحس انها حرة ، امتي ها يبقي اسمه ما لوش مضمون في ذهنها ، اسئلة بتتصبح بها و بتنام و هي بتدور لها علي اجابة . بس علي الاقل هو مش الحاضر

No comments: